الخميس، 14 يونيو 2018

كأس العالم 2018: روسيا تواجه السعودية في المباراة الافتتاحية - الأخضر أمام فرصة ثمينة لتحقيق انتصار تاريخي




كتب - محمد الغرباوي

ستتجه انظار الملايين حول العالم اليوم الخميس إلى ملعب لوجنيكي في موسكو مع انطلاق منافسات النسخة الحادية والعشرين من كأس العالم لكرة القدم، بمواجهة تجمع بين المنتخب الروسي صاحب الأرض ونظيره السعودي.

قد يرى البعض أن الروس هم الأقرب لتحقيق الفوز بفضل الخبرة وسلاحي الأرض والجمهور، ولكن في رأيي لن تكون الأمور أبداً سهلة لفريق المدرب ستانسيلاف تشيرتشيسوف، والمنتخب السعودي أمام فرصة لتحقيق فوز ثمين ودخول التاريخ كأول فريق يهزم أصحاب الأرض في المباراة الافتتاحية  للمونديال.

المنتخب الروسي في أسوأ حالاته 

ربما يكون المنتخب الروسي هو الوريث الشرعي لمنتخب الاتحاد السوفييتي الذي كان من المنتخبات ذات الهيبة بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولكن الأمور مختلفة تماماً الآن.

بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات ومنذ الظهور الأول لمنتخب روسيا في المونديال خلال نسخة 1994 التي شهدت أيضاً المشاركة السعودية الأولى، تمنح الأرقام التفوق للأخضر، حيث شارك في أربع نسخ متتالية، ونجح في بلوغ دور الستة عشر في ظهوره الأول، في حين كان أفضل ما حققه المنتخب الروسي هو المشاركة في ثلاث نسخ، فشل خلالها جميعاً في تجاوز مرحلة المجموعات.

أما بالنسبة لسلاحي الأرض والجمهور، فالأمر يبدو معاكساً لما يجب أن يكون عليه لللاعبي المنتخب الروسي، والضغط الجماهيري عليهم أكثر من أي وقت مضى بعد سنوات من النتائج المخيبة للآمال.  

وعلى مدار العامين الماضيين وبالتحديد منذ الخروج المبكر من بطولة أمم أوروبا "يورو 2016" وتعيين تشيرتشيسوف، لم يقدم الفريق أداءاً يبشر بأي خير سواء خلال المباريات الودية أوبطولة كأس القارات التي استضافها بطبيعة الحال وفشل خلالها في تجاوز مرحلة المجموعات بخسارته أمام البرتغال والمكسيك.

وما يزيد من قلق الجمهور الروسي، أن الفريق ظهر في أسوأ حالاته خلال فترة الاعداد الختامية قبل المونديال، فخسر أمام النمسا بهدف دون مقابل في مباراة شهدت فشل لاعبيه في تسديد أي كرة على المرمى خلال تسعين دقيقة!، قبل أن يختتم ودياته بتعادل مخيب للآمال أمام تركيا في موسكو.

6 انتصارات في 21 مباراة !

وخاض الفريق 21 مباراة منذ ختام مشواره في يورو 2016، لم يحقق خلالها الفوز سوى في ست مناسبات كانت آخرهم في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي أمام كوريا، في حين أن خسارته هذا العام لثلاث مباريات دولية متتالية (أمام البرازيل ثم فرنسا ثم النمسا) كانت الأولى منذ 20 عاماً، حينما خسر في ست مباريات متتالية.

وما يزيد من حالة التشائم التي يعيشها مشجعي المنتخب الروسي أن الفريق الحالي يعتبر الأقل من حيث الأسماء البراقة، مقارنة مع الأسماء التي ضمها في مشاركاته السابقة بالبطولات الكبرى.

فعندما ضم الفريق عمالقة مثل ألكسندر موستفوي وفاليري كاربين وفيكتور أونوبكو وديميتري آلينتشيف لم يحقق شيئاً يذكر في المونديال أو بطولة أمم أوروبا، باستثناء "يورو 2008" التي بلغ فيها الدور نصف النهائي بوجود نجمين لا يضم الفريق الحالي أي لاعب يمكن مقارنته بهما، وهما رومان بافليوتشنكو وآندريه آرشافين، كما أن المدرب حينها كان الهولندي المحنك، غوس هيدينك.

لاعبو الأخضر اكتسبوا الثقة بمواجهة إيطاليا وألمانيا

كل العوامل السابق ذكرها تعد بأن تكون مواجهة لوجنيكي متكافئة إلى حد كبير، ولكن بشرط واحد وهو أن يتحلى لاعبو الأخضر بالثقة في قدرتهم على تحقيق الفوز.

وهنا يأتي دور المدرب الإسباني أنطونيو بيتزي، ولعل قرار خوض المواجهات الودية قبل المونديال أمام فرق كبيرة كان قراراً صائباً، فأمام إيطاليا وألمانيا كانت البداية مهتزة ولكن الفريق نجح خلال الشوط الثاني في مجاراة منافسيه في العديد من الفترات وكان قادراً على تحقيق المفاجأة والخروج على الأقل بالتعادل.




الخسارة بفارق هدف واحد والتسجيل في مرمى فريقين يجمعهما ثمانية ألقاب مونديالية، لا بد وأن يمنح الثقة للاعبي الأخضر في مواجهة فريق روسي مهتز.

جيل 94 الملهم

وربما يكون على أسامة هوساوي وزملائه أن يستلهموا روح الانتصارات من جيل عام 1994، فمن كان يتوقع النتائج التي حققها الفريق حينها، بمجموعة من اللاعبين من الدوري المحلي، الذي تطور بشكل هائل الآن مقارنة بتلك الفترة.

من كان يتوقع أن يتقدم الفريق على هولندا بقيادة بيرجكامب ومارك أوفرمارس والأخوان دي بوير قبل أن يخسر في الدقائق الأخيرة، من كان يرى الفريق قادراً على تحقيق الانتصار أمام المغرب بترسانة نجومها المحترفين في أوروبا والتفوق بعدها على بلجيكا بقيادة إنزو شيفو ولاعبين مثل لوك نيليز ومارك فيلموتس وبالإضافة إلى أفضل حارس مرمى في العالم ميشيل بريدوم!

المفاجآت دائماً واردة في المونديال ولعل ما حققه منتخب كوستاريكا في النسخة الماضية خير دليل على ذلك، حيث أطاح بإنكلترا وإيطاليا من مرحلة المجموعات وبلغ ربع النهائي قبل أن يخسر بركلات الترجيح أمام هولندا.

مشاكل دفاعية

ولكن رغم الأداء المقنع في بعض أوقات المباراة أمام ألمانيا، واجه الفريق العديد من المشاكل في الدفاع، وأهدر لاعبو المانشافت فرص عديدة للتسجيل، كما كان لتألق الحارس عبد الله المعيوف دوراً كبيراً في الخروج بأقل الخسائر، كما واجه قلبي الدفاع اسامة هوساوي وعمر هوساوي ضغوطاً هائلة وأنقذا زملائهما في أكثر من مناسبة.

ولن تكون الأمور مختلفة في المونديال، فالكرات العرضية سلاح روسيا الأول، لذلك سيكون الضغط كبيراً على ثنائي قلب الدفاع وحارس المرمى المطالبين بالمزيد من التركيز، فأي هفوة، كما حدث في بعض المباريات الاعدادية، قد تعني هدف.  



المهمة الأصعب ستكون من نصيب طرفي الدفاع، في الجهة اليسرى يبدو ياسر الشهراني هو الأنسب لمواجهة الجناح الأيمن ألكسندر ساميدوف، أخطر لاعبي الفريق الروسي ومفتاح معظم الهجمات بكراته العرضية المتقنة.

وفي الطرف الأيمن من الدفاع سيواجه محمد البريك تحدياً كبيراً أمام الجناح الأيسر يوري جيركوف، وهو لاعب سريع يمتلك خبرة كبيرة ومهارات فردية لافتة.

الجاسم الأكثر خبرة في الوسط والدوسري قد يكون الورقة الرابحة

خبرة تيسير الجاسم في خط الوسط تمنحه الأفضلية في مواجهة خصوم أقل خبرة مثل ألكسندر غولوفين (22 عاماً – 19 مباراة دولية) ورومان زوبنين (24 عاماً – 12 مباراة دولية)، واللاعب يثبت من مباراة لأخرى أنه ما زال في أوج عطائه، فهو دائماً ما يأتي بالحلول في الأوقات الصعبة ونادراً ما يفقد الكرة تحت الضغط.

مفتاح الفوز اليوم قد يكون سالم الدوسري الذي لفت الأنظار بأداء مميز خلال المباريات الاعدادية، وبدا واضحاً أن قضائه الأشهر الأخيرة في صفوف فياريال عاد بالنفع عليه، فهو أكثر قوة ونضجاً، والدفاع الروسي البطيء سيعاني كثيراً أمام سرعته ومهاراته.

في الهجوم يبدو محمد السهلاوي الأقرب للحصول على مكان في التشكيلة الأساسية.

ورغم ما يتعرض له من انتقادات في الفترة الأخيرة بسبب ابتعاده عن مستواه المعهود وتضييعه لفرص سهلة، يبقى السهلاوي واحداً من أبرز المهاجمين في الدوري المحلي، ومن القلائل الحاصلين على فرصة كأساسي في الخط الأمامي للأندية الكبرى، فالمنتخبات الخليجية بشكل عام تعاني من قلة البدائل الهجومية بسبب تهافت الأندية المحلية على اتخام صفوفها الأمامية باللاعبين الأجانب.

في رأيي، يبدو فهد المولد الأنسب بقوته وسرعته لمواجهة الدفاع الروسي الذي أثبت خلال المواجهات الودية أن نقطة ضعفه الأولى هي البطء. لا بد أن يمنحه بيتزي فرصة في مباراة اليوم، فرغم افتقاده لحساسية المباريات بعد انضمامه لنادي ليفانتي الإسباني في كانون الثاني/يناير الماضي، الجميع يعلم ما هو قادر على تقديمه لو نجح في بلوغ قمة مستواه.

دليلك لمنتخب روسيا


والآن لنلقي نظرة على المنتخب الروسي.

المدرب تشيرشيسوف كان حارس مرمى مميز مع نادي سبارتاك موسكو، وخاض ما يقارب 40 مباراة دولية مع المنتخب، كما كان ضمن الفريق المشارك في مونديال 1994، ولكنه شارك فقط في المباراة الأخيرة بمرحلة المجموعات والتي حقق فيها فريقه الفوز 6-1 على الكاميرون وفشل في التأهل لدور الـ 16. وتلقى مرماه في تلك المباراة هدف من روجيه ميلا، دخل به الأخير التاريخ كأكبر لاعب سناً يسجل هدفاً في المونديال.


كمدرب لم تشيرتشيسوف الكثير مع سبارتاك ودينامو موسكو، وكانت أبرز انجازاته قيادة ليجيا وارسو للقب الدوري البولندي في 2016 قبل أن ينتقل بعدها مباشرة لتولي تدريب منتخب بلاده.

ويفضل تشيرتشيسوف اللعب بثلاثة مدافعين، 3-5-2 أو 3-5-1-1، مع العلم أنه جرب اللعب بأربعة مدافعين، 4-3-3 و4-3-2-1 في بعض المباريات وكانت الأداء كارثياً.

أكينفييف .. العقبة الأصعب أمام الأخضر


إيغور أكينفيف، هو الحارس الأساسي، وهو مصدر القوة والثقة في الفريق بخبرته العريضة (106 مباراة دولية)، ولو شاءت الأقدار أن يحقق فريقه نتيجة إيجابية اليوم، فلا شك أنه سيلعب الدور الأكبر في ذلك.

في الدفاع سيكون السؤال هو من سيجاور المخضرم سيرجي إيغناشيفيتش (122 مباراة دولية).


الأقرب هما فيودور كودرياشوف وفلاديمي غرانات، ولكنهما لم يقدما أداء جيداً خلال الوديات الأخيرة، ولذلك تبدو فرصة إليا كوتيبوف كبيرة رغم صغر سنه وقلة خبرته الدولية، فطوله الفارع (1.92م) يمنحه دائماً الأفضلية في الكرات الهوائية.


كما ذكرنا من قبل، الجناح الأيمن ألكسندر ساميدوف، سيكون مصدر الخطورة الأكبر بكراته العرضية من اللعب والكرات الثابتة، وإيقاف خطورته تعني فقدان المنتخب الروسي لمعظم خطورته الهجومية.

في الجبهة اليسرى، يتواجد مصدر خطورة أخر، وهو يوري جيركوف، اللاعب السريع صاحب الخبرة والقادر على أداء الأدوار الدفاعية والهجومية.

وفي حالة رغبة المدرب في الاعتماد على أجنحة تؤدي الدور الدفاعي بشكل أفضل، سيعتمد في الجبهة اليمنى على اللاعب البرازيلي الأصل مانويل فرنانديس أو إيغور سمولنيكوف، وفي اليسرى على كودرياشوف والذي عانى بشكل لافت في ودية النمسا أمام سرعة اللاعب ماركو أرناوتوفيتش.



أما ألكسندر غولوفين ورومان زوبنين في المحور فخبرتهما تبدو قليلة وأدائهما الدفاعي فحدث ولا حرج، ويكفي أن تشاهد الهدف الذي تلقاه الفريق في المباراة الودية الأخيرة أمام تركيا، حيث تلاعب يوسف مالي بكل سهولة بالفريق كله قبل أن يسدد الكرة في المرمى من على أطراف المنطقة.

ويتبقى آلان دزاغويف، وهو يبدو بعيداً تماماً عن مستواه في بداية مسيرته التي توقع له الكثير حينها أن يكون الفتى الذهبي للكرة الروسية. ولكن رغم فقدانه الكثير من مستواه، يبقى لاعباً خطيراً، وربما تلهمه المشاركة في المونديال القدرة على اعادة اكتشاف نفسه ليصبح طوق النجاة لأصحاب الأرض من خروج مبكر.

في الهجوم سيكون الاعتماد على فيودور سمولوف، لاعب كراسوندار وثاني هدافي الدوري الروسي برصيد 14 هدفاً، كما يمتلك أيضاً المدرب خيار أخر يتمثل في أرتيم دجويبا، اللاعب السابق في زينيت وسبارتاك، ولكنه بعيد تماماً عن المستوى الذي قدمه في المواسم الماضية.

وكان المهاجم الأساسي للفريق ألكسندر كوكورين قد تعرض لإصابة في الرباط الصليبي للركبة أبعدته عن المونديال.


أما الخيارات الهجومية الأخرى المتاحة للمدرب فتتمثل في الشقيقين ألكسندر وأنطون ميرانتشوك الذان توجا بلقب الدوري هذا الموسم مع لوكوموتيف، والجناح الخطير دينيس تشيرشيف لاعب ريال مدريد السابق.


ساعات قليلة وتتضح على أرضية لوجنيكي معالم المنافسة في المجموعة الأولى للمونديال، الأخضر يجب أن لا يفرط في الفرصة، وبيتزي عليه اللعب من أجل الانتصار، واللاعبون عليهم التركيز وتجنب الهفوات الدفاعية أو الانهيار في حالة تلقيهم هدف مبكر، ومن يدري ربما تعلن صافرة نهاية المباراة عن انجاز تاريخي جديد للكرة السعودية.